الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا النذر هو المعروف بنذر اللجاج والغضب، والواجب فيه هو إما الوفاء به، وإما كفارة يمين، ثم إنه يقتضي التكرار لاستعمالك فيه ما يفيده وهو لفظ كلما، وانظر الفتوى: 244375، وإذا علمت هذا فإن كانت الكفارة التي أخرجتها لم تقع موقعها -كما ذكرت- فهي كالعدم، ثم الواجب عليك إما التصدق بخمسة جنيهات عن كل مرة فعلت فيها هذا الفعل، أو إخراج كفارة عن كل مرة فعلته فيها، ويجزئك عند الحنابلة كفارة واحدة لما مضى؛ لأنها أيمان موجبها واحد فتداخلت الكفارة، وهذا القول لا شك في كونه أرفق بك.
وعليه؛ فإنك تخرج كفارة واحدة ثم تستأنف نذرك، فإن فعلت ما نذرت تركه تصدقت بستة جنيهات للنذرين جميعا، وانظر الفتوى: 358519، والفتوى: 260005، وعلى القول الأول فعليك أن تحصي ما يلزمك من كفارات فتخرجها أو تخرج المنذور بعدد المرات التي فعلت فيها هذا الفعل، وإن جهلت عددها فتعمل بالتحري؛ لأن هذا هو ما تقدر عليه.
ولا تجزئ صدقة التطوع عن النذر الواجب، وكذا لا تجزئ صلاة التطوع عن الصلاة المنذورة، ولا صيام التطوع عن الصيام المنذور، بل لا تبرأ الذمة من النذر إلا بنية الوفاء به. قال البهوتي في كشاف القناع: (ويجب أن ينوي الصلاة بعينها إن كانت معينة من فرض، كظهر) أو جمعة أو عصر أو مغرب أو عشاء أو صبح، وكذا منذورة (ونفل مؤقت كوتر) وتراويح (وراتبة) وضحى، واستخارة وتحية مسجد. فلا بد من التعيين في هذا كله لتتميز تلك الصلاة عن غيرها. انتهى.
والله أعلم.