الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا كان البنك الربوي يريد البناء؛ لينتفع به فيما هو محرم، أو فيما له صلة بأنشطته الربوية، وأعماله المحرمة، فلا يجوز لهم قبول هذا العرض؛ لما فيه من الإعانة على الحرام، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
فقد نص الفقهاء ـ رضي الله عنهم ـ على أن الوسائل لها أحكام المقاصد، وأن ما يوصل إلى الحرام، يكون مثله، ونصوا ـ كذلك ـ على تحريم بيع العنب لمن يتخذه خمرًا، وتأجير الدار لمن يستعملها في الحرام؛ لأن في ذلك إعانة على ما حرم الله تعالى.
وروى ابن بطة: أن قيّمًا لسعد بن أبي وقاص في أرض له، أخبره عن عنب أنه لا يصلح زبيبًا، ولا يصلح أن يباع إلا لمن يعتصره، فقال سعد: بئس الشيخ أنا إن بعت الخمر، وأمر بقلعه.
قال ابن قدامة في المغني: وهذا الحكم في كل ما يقصد به الحرام؛ كبيع السلاح لأهل الحرب، أو لقطاع الطريق، أو في الفتنة، أو إجارة دار لبيع الخمر فيها، أو لتتخذ كنيسة، أو بيت نار، أو أشباه ذلك، فهو حرام، والعقد باطل. انتهى.
ومن ثم؛ فعلى أبيك رفض هذا العرض، ولو غلبه إخوانه، فلا إثم عليه، ولا يلزمه رفض حقه في البنيان، والانتفاع بالشقة المخصصة له مقابل حقه.
وأما لو كان الجزء المخصص للبنك إنما يريده لمنفعة مباحة، لا صلة له بالحرام، ولا الإعانة عليه فترة محددة، فلا حرج في المعاملة حينئذ؛ على القول بجواز التعامل مع أصحاب المال الحرام.
والله أعلم.