الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أن في هذا السؤال جوانب لا تتعلق بالحكم الشرعي، كالسؤال الأول، ولذلك لن نعلق عليه!
وأما مسألة تقاسم الربح في سائر أنواع الشراكات والمضاربات، فتكون على ما تراضى عليه الشركاء واتفقوا عليه، بغض النظر عن نوع الجهد أو حجم المال الذي يبذله كل طرف منهم.
قال الخرقي في مختصره: إن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بمالهما، تساوى المال أو اختلف، فكل ذلك جائز، والربح على ما اصطلحا عليه. اهـ.
وقال ابن قدامة في شرحه: قال: (والربح على ما اصطلحا عليه) يعني في جميع أقسام الشركة. ولا خلاف في ذلك في المضاربة المحضة ... وأما شركة العنان، وهو أن يشترك بدنان بماليهما، فيجوز أن يجعلا الربح على قدر المالين، ويجوز أن يتساويا مع تفاضلهما في المال، وأن يتفاضلا فيه مع تساويهما في المال. وبهذا قال أبو حنيفة. وقال مالك والشافعي: من شرط صحتها كون الربح والخسران على قدر المالين؛ لأن الربح في هذه الشركة تبع للمال، بدليل أنه يصح عقد الشركة، وإطلاق الربح، فلا يجوز تغييره بالشرط، كالوضيعة.
ولنا: أن العمل مما يستحق به الربح، فجاز أن يتفاضلا في الربح مع وجود العمل منهما، كالمضاربين لرجل واحد، وذلك لأن أحدهما قد يكون أبصر بالتجارة من الآخر، وأقوى على العمل، فجاز له أن يشترط زيادة في الربح في مقابلة عمله، كما يشترط الربح في مقابلة عمل المضارب.
يحققه أن هذه الشركة معقودة على المال والعمل جميعا، ولكل واحد منهما حصة من الربح إذا كان مفردا، فكذلك إذا اجتمعا. اهـ.
والله أعلم.