الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الصلاة توصف بأنها عمود الدين, أو عماد الدين, فهما بمعنى واحد, فالصلاة عليها قوام الإسلام، فلا إسلام بلا صلاة.
جاء في التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير للحافظ ابن حجر: قال في الوسيط: قال صلى الله عليه وسلم: «الصلاة عماد الدين»، فقال النووي في التنقيح: هو منكر باطل، قلتُ: وليس كذلك، بل رواه أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب الصلاة عن حبيب بن سليم، عن بلال بن يحيى، قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله؟ فقال: الصلاة عمود الدين» وهو مرسل رجاله ثقات. قوله: ويروى مثل حديث ابن عباس، عن ابن عمر. هو في سنن الدارقطني بإسناد حسن، لكن فيه عنعنة ابن إسحاق، ورواه الدارقطني وابن حبان في الضعفاء من طريق أخرى فيها محبوب بن الجهم وهو ضعيف، وفيه من النكارة ابتداؤه بالفجر، والصحيح خلافه. انتهى.
وقال الصنعاني في التَّنوير شَرْح الجَامِع الصَّغِيرِ: (الصلاة عماد الدين) العماد ما يعتمد الشيء عليه، كالبيت على أعمدته؛ فقد شبَّه الدين بالخيمة، وجعلت الصلاة عمادها الذي لا تقوم ولا تنفع إلا به، فكل دين لا صلاة فيه، غير قائم، ولا نافع لصاحبه.
وقال أيضا: (الصلاة عمود الدين) العمود كالعماد، وقد حث عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً، بما لا مزيد عليه. اهـ.
فالصلاة يمكن أن توصف بأنها عماد الدين, أوعمود الدين, وليست أوصافها مقصورة على هذا، فقد تسمى بالإيمان مثلا.
قال القرطبي: قوله تعالى: "وما كان الله ليضيع إيمانكم" اتفق العلماء على أنها نزلت فيمن مات وهو يصلي إلى بيت المقدس، كما ثبت في البخاري من حديث البراء بن عازب، على ما تقدم. فسمى الصلاة إيمانا؛ لاشتمالها على نية وقول وعمل. انتهى.
والله أعلم.