الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يقبل توبتك، ويغفر ذنبك، ويحفظ لك دينك وعرضك، فثقي بربك سبحانه، فرحمته واسعة، ومغفرته لا يعظم معها ذنب، فهو القائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وثبت في صحيح مسلم عن أبي موسى -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها.
ونرجو أن يكون ما حدث لك مع هذا الشاب درسا تستفيدين منه لمستقبل حياتك، وتستفيد منه كل فتاة مسلمة، حيث تبين حكمة الشرع في تحريم العلاقات العاطفية بين المرأة والرجل الأجنبي عنها، وأن ذلك ذريعة للشر والفساد، وكذلك خطورة شياطين الجن والإنس، وكيف أنهم يستدرجون الفتاة للوقوع في مصائدهم ثم يرمون بها، وراجعي الفتويين: 30003، 12928.
فاحرصي على الاستقامة، والالتزام بالستر والحجاب، والبعد عن أسباب الفتنة من التبرج والخلوة، والاختلاط المحرم وغير ذلك. وانظري لمزيد الفائدة، الفتوى: 1208، 10800.
ولا ينبغي أن يكون ما حدث لك مع هذا الشاب مانعا لك عن الزواج وقبول الخطاب، فإنك بذلك تعالجين خطأ بخطأ مثله، ولا تستسلمي لأي خواطر شيطانية قد تمنعك من هذا الخير، ففي الزواج كثير من مصالح الدنيا والآخرة. والشرع الحكيم قد حث على الزواج كوسيلة للعفاف، ففي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب؛ من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج. ومن لم يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء. وقد ذكر أهل العلم أن الزواج تختلف أحكامه باختلاف الأحوال، وأنه يكون واجبا عند خوف الفتنة، ويمكنك أن تراجعي التفصيل في الفتوى: 3011.
وإذا تقدم لك خاطب، فلا تخبريه بما كان مع ذلك الشاب، بل يجب عليك الستر على نفسك.
وإن كنت مطاوعة لهذا الشاب فيما فعله معك من معاص، فلا يكون ظالما لك، ولا حق لك عليه، كما أنه لا يلزمه أن يفي لك بما وعد من أمر الزواج، ولكن قد يستحب ذلك في حقه، ونرجو مطالعة الفتويين: 198321، 17057.
والله أعلم.