الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّ الأنكحة المختلف في صحتها بين أهل العلم، يقع فيها الطلاق، سواء اعتقد الزوج صحة العقد أم لا، فوقوع الطلاق، لا يستلزم صحة النكاح، قال ابن قدامة صاحب الشرح الكبير: ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه، كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا، واختار أبو الخطاب أنه لا يقع؛ حتى يعتقد صحته.
ولنا: أنه إزالة ملك، بني على التغليب، والسراية، فجاز أن ينفذ في العقد الفاسد، إذا لم يكن في نفوذه إسقاط حق الغير؛ ولأنه عقد يسقط الحدّ، ويثبت النسب، والعدة، والمهر، أشبه الصحيح. اهـ. ويقول خليل المالكي في مختصره: وهو طلاق، إن اختلف فيه. يقول الخرشي شارحًا لهذا الكلام: يعْنِي: أَنَّ الْفَسْخَ فِي النِّكَاحِ الْمُخْتَلَفِ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ -وَلَوْ كَانَ الْخِلَافُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ، حَيْثُ كَانَ قَوِيًّا-، يَكُونُ طَلَاقًا، بِمَعْنَى أَنَّ الْفَسْخَ نَفْسَهُ طَلَاقٌ، أَيْ: يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ طَلَاقٌ، أَيْ: يَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً، لَا أَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى إيقَاعِ طَلَاقٍ، فَقَوْلُهُمْ: فُسِخَ بِطَلَاقٍ، أَيْ: أَنَّ الْفَسْخَ مَتَى وَقَعَ، كَانَ طَلَاقًا، لَفَظَ الزَّوْجُ أَوْ الْحَاكِمُ بِالطَّلَاقِ أَوْ لَمْ يَلْفِظْ، مِثَالُ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ: كَنِكَاحِ الْمُحْرِمِ مِنْ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِوَكِيلِهِ بِحَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، وَشِغَارِ بُضْعٍ بِبُضْعٍ. اهـ.
وعليه؛ فلا غرابة في اعتبار الطلاق مع بطلان النكاح.
والله أعلم.