الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد جاء في الموسوعة العربية العالمية، عن المرض المذكور في السؤال، ما يلي:
متلازمة توريت اعتلال يصيب مركز نظام الأعصاب في الجسم، وأبرز أعراضه حركات عفوية مفاجئة، أو أصوات يصدرها المصاب بدون وعي منه. ويبدو أنه داء متوارث ويصيب الرجال أكثر من النساء بنسبة ثلاثة إلى واحد، وكان الدكتور الفرنسي جُورج جيلز دي لاتوريت أول من كتب عن هذا المرض في سنة 1885م، فنُسِبَ إليه، وتبدأ أعراض متلازمة توريت في الظهور بين سن الثانية والخامسة عشرة، ولكنها غالبًا ما تظهر في سن السابعة. اهــ.
وما دام أن المرض المذكور له علاقة بالأعصاب، فإنه يُنْظَرُ في حال المصاب به، فإن أثر المرضُ على عقله تأثيرا كليا بحيث يصير مجنونا أو معتوها، فإنه غير مكلف، ولا يطالب بالتكاليف الشرعية.
وإن أثر عليه تأثيرا جزئيا بحيث يكون أحيانا عاقلا، وأحيانا في مصاف المجانين أو المعتوهين، فإنه يطالب بالتكاليف الشرعية وقت إدراكه فقط، وانظري الفتوى: 146743 عمن يفيق أحيانا ويجن أحيانا هل يلزم بالصلاة وهل عليه قضاء.
وإن لم يؤثر المرض على قدرته العقلية بشيء، فلم يُذْهِبُ المرضُ عقلَه، فإن الصلاة لا تسقط عنه؛ لكونه لا يزال مكلفا، فالعقل مناط التكليف، ويصلي على حسب استطاعته، إذ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ولا تبطل صلاته بالأصوات أو الحركات اللا إرادية التي تصدر عنه أثناء الصلاة، وإن اعتل أثناء الصلاة، وعجز عن الحركة أتمها على حسب قدرته، ولو جالسا، أو مومِئًا برأسه.
قال النووي -رحمه الله تعالى- عن كيفية صلاة المريض القادر على الركوع والسجود: ... وَقَدَرَ عَلَى الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَتَى بِهِمَا، وَإِلَّا أَوْمَأَ إلَيْهِمَا مُنْحَنِيًا بِرَأْسِهِ وَقَرَّبَ جَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَيَكُونُ السُّجُودُ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ. فَإِنْ عَجَزَ عن الإشارة بالرأس أومأ بطرفه. وهذا كُلُّهُ وَاجِبٌ. فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْإِيمَاءِ بِالطَّرْفِ أَجْرَى أَفْعَالَ الصَّلَاةِ عَلَى قَلْبِهِ. فَإِنْ اُعْتُقِلَ لِسَانُهُ وَجَبَ أَنْ يُجْرِيَ الْقُرْآنَ وَالْأَذْكَارَ الْوَاجِبَةَ عَلَى قَلْبِهِ، كَمَا يَجِبُ أَنْ يُجْرِيَ الْأَفْعَالَ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَمَا دَامَ عَاقِلًا لَا يَسْقُطُ عَنْهُ فَرْضُ الصَّلَاةِ وَلَوْ انْتَهَى مَا انْتَهَى ..اهــ.
وانظري الفتوى: 302149. في بيان كيف يصلي المشلول، ونحوها الفتوى: 132871، والفتوى: 132697. في بيان كيفية صلاة المريض، والعاجز عن بعض أفعال الصلاة.
والله تعالى أعلم.