الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، ومن وقع في هذه الفاحشة، فعليه أن يبادر بتطهير نفسه من هذا الذنب الشنيع، لا أن يشغل نفسه بتطهير المحل الذي وقع عليه المنيّ؛ سواء كان في محل عمل أو غيره، فالمني طاهر عند الجمهور. وانظر الفتوى: 1789.
وتطهير النفس من هذه الفاحشة يكون بالمبادرة بالتوبة إلى الله تعالى، وذلك بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب.
وركن التوبة الأعظم هو الندم، والباعث عليه أن ينظر العبد إلى عظم جنايته تعظيماً لحقّ الله تعالى، وتصديقاً بالجزاء في الآخرة.
قال ابن القيم -رحمه الله-: ... فَأَمَّا تَعْظِيمُ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ إِذَا اسْتَهَانَ بِهَا لَمْ يَنْدَمْ عَلَيْهَا، وَعَلَى قَدْرِ تَعْظِيمِهَا يَكُونُ نَدَمُهُ عَلَى ارْتِكَابِهَا، فَإِنَّ مَنِ اسْتَهَانَ بِإِضَاعَةِ فلْسٍ - مَثَلًا - لَمْ يَنْدَمْ عَلَى إِضَاعَتِهِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ دِينَارٌ اشْتَدَّ نَدَمُهُ، وَعَظُمَتْ إِضَاعَتُهُ عِنْدَهُ. وَتَعْظِيمُ الْجِنَايَةِ يَصْدُرُ عَنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: تَعْظِيمُ الْأَمْرِ، وَتَعْظِيمُ الْآمِرِ، وَالتَّصْدِيقُ بِالْجَزَاءِ. اهـ وانظر الفتوى: 168081.
ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان. وراجع الفتوى: 5450.
والله أعلم.