الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان صديقك ضمن لك رأس المال بكل حال، سواء حصل من المضارب تعد أو تفريط، أو لم يحصل؛ فهذا الضمان لا يصحّ.
وأمّا إن كان ضمن لك رأس المال في حال تعدي المضارب أو تفريطه، فيصح هذا الضمان.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فأما الأمانات، كالوديعة، والعين المؤجرة، والشركة، والمضاربة، والعين التي يدفعها إلى القصار والخياط، فهذه إن ضمنها من غير تعد فيها، لم يصح ضمانها؛ لأنها غير مضمونة على من هي في يده، فكذلك على ضامنه. وإن ضمنها إن تعدى فيها، فظاهر كلام أحمد -رحمه الله-، يدل على صحة الضمان؛ فإنه قال في رواية الأثرم، في رجل يتقبل من الناس الثياب، فقال له رجل: ادفع إليه ثيابك، وأنا ضامن.
فقال له: هو ضامن لما دفعه إليه. يعني إذا تعدى أو تلف بفعله. فعلى هذا إن تلف بغير تفريط منه ولا فعله، لم يلزم الضامن شيء، لما ذكرنا، وإن تلف بفعله أو تفريط لزم ضمانها ولزم ضامنه ذلك؛ لأنها مضمونة على من هي في يده، فلزم ضامنه، كالغصوب والعواري. وهذا في الحقيقة ضمان ما لم يجب، وقد بينا جوازه. انتهى.
فإن كان المضارب قد خان الأمانة وتعدى بتضييع مالك، فهو ضامن له، وصديقك الذي ضمن لك المال من التعدي ضامن له، فيجوز لك مطالبته به وعليه أداؤه إليك، وراجع الفتوى: 78811
والله أعلم.