الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يختص الأمر ببر الوالدين والإحسان إليهما وخفض الجناح لهما والنهي عن الإساءة إليهما بجميع أشكالها. نقول: لا يختص ذلك كله بمرحلة معينة من عمر الوالدين وبحالة من أحوالهما، بل إن الولد مخاطب بتلك الأوامر والنواهي، بمجرد ما يتوجه إليه الخطاب الشرعي.
وإنما خص الله تعالى مرحلة الكبر، لأن كثيراً ممن لا يخافون الله تعالى ولا يتقونه، ليست عندهم روح رد الجميل، ومكافأة الحسنة بالحسنة، ويفرطون في حق آبائهم في هذه المرحلة الحرجة من أعمارهم، ويتملصون من حقوقهم بأي طريقة، ومع ذلك فلا شك أن الأجر في بر الوالد المتقدم في السن أعظم من الأجر في بر الوالد الذي ما زال قادراً على أكثر أموره، فالوالد الكبير سريع التضجر، قليل التحمل، يحتاج بره إلى كثير من العناية والجهد، فلذلك صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر أو أحدهما، فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح.
والله أعلم.