الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالجدير بالذكر ابتداء: التنبيه إلى أن كتاب تنبيه الغافلين ــ مع جلالة مصنفه ــ مليء بالأحاديث الضعيفة، والموضوعة المكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ وذلك لعدم دراية المصنف بعلم الحديث، وما يصح منه، وما لا يصح، وقد قال عنه الذهبي في السير: وَتَرُوجُ عَلَيْهِ الأَحَادِيثُ الموضُوعَةُ. اهــ. وقال عنه في تاريخ الإسلام: وفي كتابه: "تنبيه الغافلين" موضوعات كثيرة. اهــ.
فينبغي لمن لا يميز بين الصحيح والسقيم من الأحاديث أن يبتعد عن مطالعة مثل هذه الكتب.
والحديث المذكور في السؤال ليس حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكره في تنبيه الغافلين موقوفًا على ابن عباسٍ من قوله، وبغير إسناد، ولم نجده مسندًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قط في شيء من كتب السنة، بل ولم نجده مسندًا عن ابن عباس نفسه باللفظ المذكور.
وقد ورد مسندًا بألفاظ قريبة عن ابن مسعود، وابن عباس، فقد روى ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ موقوفًا عليه، قَالَ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ حَوْرَاءَ، يُقَالُ لَهَا: اللُّعْبَةُ، كُلُّ حُورِ الْجِنَانِ يُعْجَبْنَ بِهَا، يَضْرِبْنَ بِأَيْدِيهِنَّ عَلَى كَتِفِهَا، وَيَقُلْنَ: طُوبَى لَكِ يَا لُعْبةُ، لَوْ يَعْلَمُ الطَّالِبُونَ لَكِ لَجَدُّوا، بَيْنَ عَيْنَيْهَا مَكْتُوبٌ: مَنْ كَانَ يَبْتَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلِي، فَلْيَعْمَلْ بِرِضَاءِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ. اهــ. وذكر ابن الملقن في كتابه: التوضيح شرح البخاري: وقال ابن عباس: في الجنة حوراء، يقال لها: اللعبة، لو بزقت في البحر، لعذب ماؤه. اهــ.
وهذه الآثار الموقوفة، ليس فيها شيء من ذكر العشق.
والعشق في لغة العرب أصله: فرط الحب، وإن أطلق على ما يتعلق بالشهوة، وحاشا لله أن يكون في الجنة شيء مما تساءلت عنه في السؤال.
والله تعالى أعلم.