الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوكم على الحال المذكور من إهماله لكم بأن ترك الإنفاق عليكم، وفرط في رعايتكم، وتفقد أحوالكم؛ فإنه آثم بذلك، فهو مسؤول عنكم في ذلك كله، قال تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}، قال السعدي في تفسيره: أي: أولادكم -يا معشر الوالِدِين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية والدنيوية، فتعلمونهم وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله وملازمة التقوى على الدوام؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ {التحريم:6}. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها فيستحقوا بذلك الوعيد والعقاب. اهـ.
وخلافه مع أمكم لا يسوغ له أن يفعل ما فعل.
وثبت في الصحيحين عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: كلكم راع ومسؤول عن رعيته، والإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته.... الحديث. وروى أبو داود عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت.
ومع هذا كله، فإنه أبوكم، فبره والإحسان إليه واجب، فإساءته لا تسقط عنكم ذلك، ونرجو مراجعة الفتوى: 370030.
وإن لم يكن له مال، فنفقته واجبة على ميسور الحال من أولاده، ونفقته مقدمة على الأم عند التعارض في قول بعض أهل العلم، فضلا عن غيرها من الأقارب، ومن العلماء من ذهب إلى تقديم نفقة الأم، وهذا فيما إذا لم يقدر الولد إلا على نفقة أحد والديه. وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 46692.
وينبغي لك التسديد والمقاربة على كل حال؛ حتى تكسب رضا والديك، وتحسن إلى إخوانك وإخوتك، وانظر الفتوى: 64958.
والله أعلم.