الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأول الحلول هو التوجه إلى الله -عز وجل- بالدعاء والتضرع إليه، وسؤاله أن يقدر لك الخير، وأن ييسر لك إقناع والديك، ولا تيأسي بل أحسني الظن بربك، فهو عند ظن عبده به، وإنه أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فمن علق قلبه به لم يخب رجاه، قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 119608. ففيها بيان آداب الدعاء وشروط إجابته.
ثانيا: إذا كان الحال ما ذكرت من أنك قد عقد لك على هذا الشاب العقد الشرعي، فقد صرت زوجة له، فلست مجرد مخطوبة له. وإن سلَّم إليك الحالَّ من المهر، وطلب تسليمك له وجب ذلك، ولم يكن لك ولا لوليك الامتناع إلا لغرض صحيح. وراجعي في ذلك الفتوى 307510.
وما ذكر من كونه لا يحب هذه العائلة بسبب بعض المشاكل التي حصلت ليس مسوغا شرعا لمثل هذه المماطلة.
ثالثا: نوصي بأن ينتدب بعض الفضلاء والعقلاء وذوو الوجاهة للكلام معه، وبذل النصح له، فإن استجاب وزال الإشكال فالحمد لله، وإلا فيمكن رفع الأمر إلى القضاء الشرعي لإتمام الزواج.
رابعا: إن قدر أن غضب عليك أبوك أو أمك بسبب إتمام الزواج، فليس في هذا عقوق منك، ولا تأثمين بذلك، ولكن اجتهدي في سبيل كسب رضاهما.
خامسا: إن كان الحال ما ذكرت من ترك أبيك الكلام مع أمك، وصراخه، وتهديده بطلاقها لمجرد أمر هذا الزواج، فهذا نوع من الجفاء وسوء العشرة، وينبغي أن ينصح أيضا بأن يتقي الله، ويحسن عشرتها، وأن لا يُقْدِم على طلاقها لمجرد إتمام الزواج، ولو قدر أن طلقها، فلا إثم عليك في ذلك، وقد ذكر الفقهاء أنه ليس للبنت طاعة أبويها في أمرهما إياها بفراق زوجها.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارة ونحوها؛ بل طاعة زوجها أحق. اهـ.
ونؤكد في الختام على ما ذكرناه أولا من أمر الدعاء. يسر الله أمرك، وفرج كربك، وأرضى عنك أبويك، وأتم لك الزواج؛ إنه سميع مجيب، ونعم المولى، ونعم النصير.
والله أعلم.