الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصاحب العمل لا يضمن، ولا يتحمل شيئًا من المسؤولية، إلا إذا كان الحادث ناتجًا عن تقصير، أو إهمال من جهته، فيكون هو المتسبب فيه، وراجع في ذلك الفتاوى: 103266، 125857، 73782.
وأما مجرد كونه صاحب العمل، أو المستأجر للعامل، فلا يلزمه من ذلك شيء، والأصل أن المكلف يتحمل أثر أفعاله، قال الموفق ابن قدامة في المقنع: إِن أمر كبيرٌ عاقلًا ينزل بئرًا، أو يصعد شجرة، فهلك، لم يضمنه. اهـ. فقال شمس الدين ابن قدامة في شرحه الكبير: لأنَّه لم يَجْنِ، ولم يَتَعَدَّ، فأشْبَهَ ما لو أذِنَ له، ولم يأْمُرْه. اهـ. وقال الشنقيطي في شرح زاد المستقنع: الذي يختاره الأئمة -رحمهم الله- أنه لا ضمان على الآمر؛ لأن المكلف متحمل لمسؤولية نفسه. ومن هنا: المستأجرون في الأعمال، والحرف، لا ضمان على أصحاب الأعمال من حيث الأصل؛ لأن العمال مستأجرون في الأصل، مكلفون، عاقلون ... وهذا من عدل الشريعة، كما أن العامل يأخذ المنفعة، والمصلحة، كذلك يتحمل الضرر، (فالغُنم بالغُرم)، فهو يتحمل مسؤولية نفسه، إن حصل له ضرر، وإذا لم يحصل له ضرر، أخذ النتيجة، والمنفعة. اهـ.
وأما مطالبة العامل المُصاب بالتعويض عن أيام العمل التي عجز فيها عن العمل، فمرد ذلك إلى عقد العمل، وفق ما بينا في الفتوى: 118704.
والله أعلم.