الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يمنَّ علينا وعليك بالتوبة النصوح، وأن يغفر ذنوبنا وذنوبك، ويستر عيوبنا وعيوبك في الدنيا والآخرة. وننصحك بصدق التوبة، واللجوء إلى الله تعالى؛ إذ هو الذي ستر عليك ما مضى، فاضرع إليه أن يثبتك، ويعينك على اجتناب ما يغضبه، ويسخطه -تعالى- من السيئات والآثام بقية حياتك.
وأما ما يحزنك من مدح الناس لك لعدم علمهم بما ستر الله عليك، فلا حرج عليك فيه، وهو من عظيم مِنَن الله -تعالى- عليك، ومن كمال ستره لك أن لم يطلع الناس على بواطن أحوالك، لكن لا ينبغي لك أن تغتر بذلك المدح، وذلك الثناء من الناس، فالاغترار بذلك من القواطع التي تعوق القلب عن تمام سيره إلى الله -تعالى-، فعليك أن تصدق في طلب مرضاته -جل وعلا- المطلع على سرائرك، وجميع أحوالك، ولا تغتر بثناء الناس عليك؛ ليستقيم لك سيرك إلى ربك.
يقول ابن القيم -رحمه الله-: وَالْوُقُوفُ عِنْدَ مَدْحِ النَّاسِ وَذَمِّهِمْ عَلَامَةُ انْقِطَاعِ الْقَلْبِ، وَخُلُوِّهِ مِنَ اللَّهِ، وَأَنَّهُ لَمْ تُبَاشِرْهُ رُوحُ مَحَبَّتِهِ وَمَعْرِفَتِهِ، وَلَمْ يَذُقْ حَلَاوَةَ التَّعَلُّقِ بِهِ، وَالطُّمَأْنِينَةِ إِلَيْهِ. انتهى.
والله أعلم.