الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمجرد الشعور القلبي بأنك لا تحبينه، لا مؤاخذة عليك فيه - إن شاء الله -؛ لأن الأمور القلبية، لا كسب للإنسان فيها، وقد قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، وروى ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه.
وكذلك الحال بالنسبة للغضب عليه؛ بسبب تصرفاته، لا شيء عليك فيه.
وأما ما يمكن أن يترتب عليه من العبوس في وجهه، ونحو ذلك من الأمور الظاهرة، فهذه تأثمين بها، وهي نوع من العقوق، تجب عليك التوبة منه، وقد ذكر أهل العلم أن العقوق يحصل بالشيء اليسير من الأذى، وانظري الفتوى: 73463، والفتوى: 73485، والفتوى: 78838.
وينبغي عليك في حالة الغضب أن تنصرفي بعيدًا عنه؛ بحيث تتجنبين أن يصدر عنك ما يؤذيه.
وفي الحقيقة؛ لا يليق بالأب أن يصل مزاحه مع أولاده إلى هذه الدرجة، والتي يترتب عليها حدوث شيء من العنف.
ومن الأفضل أن يسلّط عليه من يرجى أن يقبل نصحه؛ ليبين له خطأ هذا المسلك، وخطورة الغضب، وأنه مدخل من مداخل الشيطان، وأن السنة قد جاءت بالتحذير منه، وبينت كيفية علاجه، ويمكن الاستفادة مما أوردنا في الفتوى: 8038.
وننبه إلى أن الوالد مها أساء، فإن ذلك لا يسقط عن ولده وجوب بره، وسبق لنا بيان ذلك في الفتوى: 354847.
وإن من أعظم برك بوالدك، دعاؤك له أن يرزقه ربه رشده، وصوابه، فيتصرف باعتدال، ورَوِيَّة.
وأنت لست ملزمة شرعًا بتكرار الاتصال عليه، وكثرة الحديث معه، فإن كان تواصلك معه كل أسبوعين، ونحو ذلك، لا يعد قطيعة عرفًا، فلا تكونين بذلك قاطعة لرحمك، فأمر الصلة يرجع فيه إلى العرف، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 187609.
والله أعلم.