الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالحزن على موت القريب مباح، وقد حزن النبي صلى الله عليه وسلم على موت عمّه حمزة، وغيره من أهله، وأصحابه، وبكى، وقال عند موت ابنه إبراهيم: إِنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، وَالقَلْبَ يَحْزَنُ، وَلاَ نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا، وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ. متفق عليه.
ولكن الإكثار من ذكر الميت، لا سيما بعد طول المدة، وتكرار ذلك، وتجديده، قد يشعر بعدم الرضا بقضاء الله تعالى، وأيضًا يجدد الحزن، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عما هو قريب من هذا، فقد روى أَحْمد، وابن ماجه، وَصَححهُ، والْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ المراثي. وَهُوَ عِنْد ابن أَبِي شَيْبَةَ بِلَفْظِ: نَهَانَا أَنْ نَتَرَاثَى. قال القسطلاني في شرح البخاري في بيان المراثي المنهي عنها في الحديث:
وقد أطلقها الجوهري على عدّ محاسنه مع البكاء، وعلى نظم الشعر فيه، فيكره كل منهما؛ لعموم النهي عن ذلك، والأوجه حمل النهي عن ذلك على ما يظهر فيه تبرم، أو على فعله مع الاجتماع له أو على الإكثار منه، أو على ما يجدّد الحزن. اهــ.
فالإكثار ربما دخل في المراثي المنهي عنها -نسأل الله أن يغفر لموتانا، وموتى جميع المسلمين، وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم-.
والله أعلم.