الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن معرفة المسلم، أو المسلمة بحاجته إلى تقوية الإيمان، وتفريطه في حق ربه -تبارك وتعالى- علامة خير، وأمارة انتباه، ويقظة، وهو بداية السير على الطريق الصحيح، وهذا يعني أن القلب حي، فالقلب الميت، لا يحس بألم الغربة عن الله عز وجل، ولا يبالي صاحبه بما يأتي وما يذر.
وسبق أن بينا بعض وسائل تقوية الإيمان، وكيفية النجاة من مصائد الشيطان، فيمكنك الاطلاع على الفتوى: 10800، والفتوى: 12928.
ونضيف هنا: الإقبال على التوبة النصوح من تفريطك في الصلاة، وغيرها من فرائض الدِّين، فالمعاصي توحش القلوب، وتبعد عن الله سبحانه، فتبعد صاحبها عن الخالق، يقول ابن القيم في كتاب: "الجواب الكافي" وهو يعدد عقوبات المعاصي:
ومنها: وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله جل وعلا, ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها، لم تفِ بتلك الوحشة، وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة، وما لجرح بميت إيلام, وليس على القلب أمر من وحشة الذنب على الذنب، فالله المستعان.
ومنها: الوحشة التي تحصل له بينه وبين الناس، ولا سيما أهل الخير منهم، فإنه يجد وحشة بينه وبينهم، وكلما قويت تلك الوحشة، بعد منهم، ومن مجالستهم، وحرم بركة الانتفاع بهم، وقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن, وتقوى هذه الوحشة؛ حتى تستحكم، فتقع بينه وبين امرأته، وولده، وأقاربه، وبينه وبين نفسه، فتراه مستوحشًا من نفسه... اهـ.
واعملي على إزالة كل العوائق التي تحول بينك وبين الطاعة، والأمور التي تسهّل عليك أمر المعصية، وأنت أدرى بحالك.
ونوصيك بالدعاء، وسؤال الله تعالى العون على الطاعة، والعبادة، فلا غنى للعباد عن عون ربهم، روى أبو داود، والنسائي عن معاذ بن جبل -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: يا معاذ، والله، إني لأحبك، والله، إني لأحبك. فقال: أوصيك -يا معاذ- لا تدعنّ في دبر كل صلاة تقول: اللهم أعنى على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك.
فمن وكل إلى نفسه، فهو مخذول، وقد أحسن من قال:
وإن لم يكن عون من الله للفتى * فأول ما يجني عليه اجتهاده
واتخذي الأسباب المعينة على الاستيقاظ للصلاة؛ كالنوم المبكر، واستخدام المنبه، وليكن زوجك عونًا لك في ذلك، أو الصالحات من صديقاتك، وإن كان هنالك أحيانًا تعب حقيقي، إلا أنه يغلب أن يكون السبب تسلط الشيطان عليك، وتثبيطه، وتخذيله، وإلا فمن اعتاد القيام للصلاة، استيقظ لها غالبًا بمقتضى العادة، ولم يمنعه منها تعب، ونحوه.
نسأل الله تعالى لنا ولك العافية، والسلامة من كل شر وبلاء، وأن يرزقنا وإياك الهدى، والتقى، والعفاف، والغنى، وأن يحفظنا من شياطين الإنس والجن، ومكرهم، وكيدهم، إنه سميع مجيب.
والله أعلم.