الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي سؤالك عبارات فيها نوع من الاضطراب، وعلى وجه العموم نقول: إن الغضب لا يمنع من وقوع الطلاق، إلا إذا كان صاحبه قد فقد وعيه، فلم يدرك ما تلفظ به.
قال الرحيباني الحنبلي في مطالب أولي النهى: ويقع الطلاق ممن غضب، ولم يزل عقله بالكلية، لأنه مكلف في حال غضبه بما يصدر منه من كفر، وقتل نفس، وأخذ مال بغير حق، وطلاق وغير ذلك. اهـ.
فإن كان الحال ما ذكرت من أنك كنت فاقدا لشعورك، فلم تدرك ما تلفظت به لم يقع هذا الطلاق.
وإن كنت واعيا لما قلت، فقد سبق وأن أوضحنا أن قول الزوج لزوجته: أنت طالق طالق طالق يقع به طلقة واحدة، إلا إذا قصد الزوج به إيقاع ثلاث طلقات، فإنها تقع ثلاثا. وراجع في ذلك فتوانا: 388552.
وننبه إلى بعض الأمور، ومنها:
الأمر الأول: أن يتقي المسلم الغضب، فإنه من الشيطان، وباب لكثير من الشرور والمفاسد، وإذا انتابه، فليلزم العلاج النبوي، وهو ما بيناه في الفتوى: 8038.
الأمر الثاني: أنه لا يمكن للزوج أن يلغي الطلاق بعد التلفظ به، أي أنه يقع ويحسب عليه، ويجوز له رجعة زوجته إلى عصمته بعد الطلقة الأولى أو الثانية، فإن كانت الثالثة بانت منه بينونة كبرى، فلا يجوز له رجعتها حتى تنكح زوجا غيره.
الأمر الثالث: أن الطلاق ليس الحل الأمثل لمشاكل الحياة الزوجية، فينبغي للزوج أن يسلك غيره من الوسائل، فالحفاظ على كيان الزوجية أمر مهم، وفي تهديد هذا الكيان مخاطر عظيمة غالبا، وخاصة على الأولاد.
والله أعلم.