الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن عفا عن حق له، فليس له الرجوع فيما عفا عنه. ومن القواعد المقررة عند الفقهاء أن: الساقط لا يعود.
وقد بوب البخاري في صحيحه: باب: إذا حلله من ظلمه، فلا رجوع فيه. وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري أن هذا فيما مضى من الظلامات محل اتفاق بين العلماء، وأن الخلاف فيما سيأتي منها. والحاصل أنه ليس لك الرجوع في هذا الحق الذي أسقطته عن زوجك بعفوك عن ظلمه لك.
ومن حقك الإنجاب، فليس لزوجك منعك منه، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها؛ لما روي عن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه أحمد وابن ماجه، لأن لها في الولد حقا، وعليها من العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. اهـ.
وتأكد هذا الحق بالعهود التي قطعها على نفسه بأنه سيسمح لك بالإنجاب، فإن لم يفعل فقد أساء وتعدى وظلم.
وإننا ننصح بالصلح والموافقة على الرجوع إليه، إن رجوت أن ينصلح الحال، وتحسن العشرة، وتتحقق مقاصد الزواج، ومن أهمها أمر الإنجاب، فإن خشيت أن يستمر الحال على ما هو عليه، فلعل الأولى أن تصرفي النظر عنه، وتسألي الله -عز وجل- أن ييسر لك زوجا خيرا منه، فعند استحالة العشرة الفراق أفضل.
قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررًا مجردًا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.
والله أعلم.