الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالذي يظهر من سياق الآية أن الكتاب الذي أمر يحيى بأن يأخذه بقوة في قوله تعالى: يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ [مريم:12]. هو كما قال الشوكاني في فتح القدير: وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِ التَّوْرَاةُ لِأَنَّهُ الْمَعْهُودُ حِينَئِذٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كِتَابًا مُخْتَصًّا بِهِ وَإِنْ كُنَّا لَا نَعْرِفُهُ الْآنَ. اهـ.
ولعل القول بأنه التوارة أوضح، لأنه من المعلوم أن كثيراً من أنبياء بني إسرائيل كانوا يحكمون بالتوراة إلى أن جاء عيسى -عليه السلام-، فنسخ بعض تشريعاتها، ومع ذلك فقد امتن الله عليه بأنه علمه إياها، قال الله سبحانه: إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ [المائدة:110].
والله أعلم.