الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن حقك على زوجك أن تكوني في مسكن مستقل، تكونين فيه بعيدا عن الحرج، ولا يشركك فيه أي من أقاربه. ويجب عليه توفيره لك؛ خاصة وأن المسكن واسع بحيث يمكنه أن يجعلك في جزء مستقل منه. ومن الغريب أن يصر عليك أن ترضي بهذا الوضع غير المناسب. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 34802.
وإن كان أولاده يؤذونك ويسيئون إليك، فهذا إثم مبين، ومسلك منهم قبيح، يجب إنكاره عليهم، وعلى زوجك أن يدفع عنك أذاهم، فقد ثبت في الحديث الذي رواه البخاري عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: انصر أخاك ظالما أو مظلوما، قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما؟ قال: تأخذ فوق يديه. أي تمنعه من الظلم. وإذا كان هذا في حق عامة المسلمين، فالزوجة أولى، فهي أمانة عند زوجها.
والطلاق له آثاره المدمرة للأسرة المسلمة في الغالب، وخاصة عند وجود الولد، ولهذا ذهب بعض أهل العلم إلى أن الأصل فيه الحظر. ولذلك ندعو إلى التريث وعدم التعجل إليه، ونحث على التفاهم، والحرص على المحافظة على كيان الأسرة، ولو بالتغاضي عن بعض الحقوق والرضى بالمسكن المتاح، والصبر على ما يمكن تحمله من أهل بيت زوجك. فإن تم الوفاق وزال الشقاق، فالحمد لله.
وإلا، فقد يكون الفراق أفضل، ولعل الله تعالى يقدر لكل منكما خيرا، قال سبحانه: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا {النساء:130}، قال القرطبي في تفسيره: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
والله أعلم.