الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلم يبن لنا السائل وجه كونه غير قادر على الدنو من الإمام بالحرم المكي، ومن المعلوم أن الدنو من الإمام في الحرم مقدور عليه، وميسور، ويكون بالصلاة في صحن الحرم في الصفوف حيث يصلي الإمام.
وإن كان السائل يعني أنه غير قادر لأجل الزحام، فليدنُ من الإمام بأقرب مسافة ممكنة، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ويُكتب له أجر الدنو من الإمام -إن شاء الله-، فإن من حرص على الطاعة، وحال بينها وبينه حائل لا يستطيع دفعه، فإن الله تعالى يكتب له أجرها؛ لعموم قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا، صَحِيحًا. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وَهُوَ فِي حَقّ مَنْ كَانَ يَعْمَل طَاعَة فَمنعَ مِنْهَا، وَكَانَتْ نِيَّته لَوْلَا الْمَانِع أَنْ يَدُوم عَلَيْهَا. اهـ.
وقال ابن بطال في شرح صحيح البخاري: فلذلك كل مرض من غير الزمانة, وكل آفة من سفر وغيره، يمنع من العمل الصالح المعتاد، فإن الله قد تفضل بإجراء أجره على من منع ذلك العمل، بهذا الحديث. اهـ.
وفي شرح رياض الصالحين للشيخ العثيمين: فالمتمني للخير، الحريص عليه، إن كان من عادته أنه كان يعمله, ولكنه حبسه عنه حابس, كتب له أجره كاملًا. اهـ.
والله تعالى أعلم.