الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان للأب غرض صحيح في منع الولد من لبس بعض الملابس، أو قصّ الشعر على بعض الهيئات، أو الصلاة في مسجد معين، فالواجب على الولد طاعته في ذلك.
وأمّا إذا كان الولد يلبس ملابس مباحة شرعًا، ويقصّ شعره على وجه غير ممنوع شرعًا، ولا ممجوج عرفًا، ويصلي في المسجد البعيد لغرض صحيح، وكان الأب يمنعه من ذلك لغير مسوّغ، فلا تجب على الولد طاعته في ذلك.
وراجع الفتوى: 257134. والفتوى: 161049.
وقد اختلف أهل العلم في أفضلية الصلاة في مسجد الحي القريب أو المسجد البعيد، وقد سبق لنا ترجيح أفضلية الصلاة في مسجد الحي القريب، وانظر الفتوى: 124518.
ولا ينبغي للولد ترك الصلاة في المسجد القريب بدافع الخوف من الرياء، فهذا وهم، وتلبيس من الشيطان. وراجع الفتوى: 287131.
ونصيحتنا للولد أن يطيع أباه في المعروف، ولا يخالفه فيما يريد، مما لا ضرر عليه فيه، فالإحسان إلى الوالد من أفضل القربات، ومن أعظم أسباب دخول الجنة.
فعن أبي الدرداء أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي في شرح سنن الترمذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ: مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.
والله أعلم.