الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن والدكم أمر غريب، وشيء عجيب، إذ الغالب في الوالد الحرص على مصلحة أولاده، والشفقة عليهم. ودعاؤه عليكم أمر منكر، جاءت السنة بالنهي عنه؛ لأنه قد يصادف ساعة إجابة.
روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم.
وإن كنت صبرت عليه، ولم تقابل إساءته بالإساءة، فقد أحسنت صنعا، وهذا هو المطلوب، بل من حقه عليك البر به، والإحسان إليه، مهما صدر عنه من الإساءة، وراجع فتوانا: 370030.
والصبر خير ما يتسلى به عند البلاء، هذا بالإضافة إلى الدعاء، والإكثار من الذكر؛ ليهدأ البال، وتطمئن النفس، وتكون الرَّوِيَّة، وحسن التصرف، فإن عدمت هذه الأمور، كان الحال الذي أنت عليه من الإحباط، واعتزال الناس، وترك الصلاة، وهذا هو الأخطر؛ فمن تركها ولو تكاسلا ذهب بعض أهل العلم إلى كفره، وخروجه من الملة. فهل ترضى ذلك لنفسك؟ وراجع الفتوى: 1145.
ومن أفضل ما تبره به: سعيك في سبيل إصلاحه بالدعاء له، وتسليط بعض الصالحين والفضلاء عليه، وليكونوا ممن ترجو أن يسمع لقولهم، وينفعه نصحهم؛ فلعل الله يوفقهم في هذا المسعى، وما ذلك على الله بعزيز.
ونوصيكم بالدعاء له بالهداية والصلاح عسى الله أن يستجيب لكم فيه، فينصلح حاله، ويرجع لرشده وصوابه.
ونوصيكم أيضا بالدعاء لأنفسكم، وسؤال الله عز وجل العافية من كل بلاء، ويمكن الاستفادة من الأدعية المضمنة في الفتوى: 221788.
ولا تيأسوا في سبيل البحث لأختكم عن الزوج الصالح، وإعانتها في هذا السبيل، وسيأتيها ما كتب الله لها، وما يدريكم أن يكون الله قد استجاب دعاء أبيكم عليها، فهذا من الغيب الذي لا يمكن الجزم به، فافعلوا ما عليكم من بذل الأسباب مستعينين بالله.
روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز.
والله أعلم.