الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل الجامع لما تسأل عنه السائلة هو أن العمل في ما يخص الشركات المحرمة - كالخمور والسجائر -: لا يجوز، بخلاف ما عداها. وعلى ذلك فإن استطاعت السائلة أن تتجنب العمل فيما يخص الشركات المحرمة، فلا حرج عليها، وإلا فعملها يكون فيه من الحرام بقدر نسبة الشركات المحرمة، قلَّ ذلك أو كَثر.
والحرمة في هذه الشركات لا تقتصر على المشاركة في الإنتاج المحرم، ولكنها تشمل أيضا الإعانة عليه بكافة الوجوه، ولو بتخزين بياناتهم للدخول على الإنترنت، ولذلك فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يلعن الخمر وشاربها وحده، بل لعن مع ذلك: ساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه. كما رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وصححه الألباني.
قال العظيم آبادي في (عون المعبود): اعلم -رحمك الله تعالى- أن المباشرة بالأشياء المسكرة المحرمة بأي وجه كان لم يرخصها الشارع؛ بل نهى عنه أشد النهي اهـ.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما؛ لأنه أعان على الإثم والعدوان، ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومشتريها وساقيها وشاربها وآكل ثمنها. وأكثر هؤلاء كالعاصر والحامل والساقي إنما هم يعاونون على شربها، ولهذا ينهى عن بيع السلاح لمن يقاتل به قتالا محرما: كقتال المسلمين، والقتال في الفتنة. اهـ.
والعمل إن اقترن بشيء محرم، ولو كان قليلا، ووجد غيره مما يخلو من الحرام تماما، لم يجز العمل المحرم، وإن كان الآخر أشق منه، وأقل في مزاياه، لكونه مباحا لخلوه من المحرمات.
وفيما ذكرناه إجمال لما عددته السائلة من استفسارات.
والله أعلم.