الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على والدتك في ترك وضع هذا الطعام للقطط على أية حال، كما يدل عليه حديث: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت؛ فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها، إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. متفق عليه.
قال القرطبي في المفهم: فيه من الفقه: أن الهرَّ لا يُتَمَلَّك، وأنه لا يجب إطعامه إلا على من حبسه. اهـ.
وقال الصنعاني في سبل السلام: يدل على أنه لا يجب إطعام الهرة؛ بل الواجب تخليتها تبطش على نفسها. اهـ.
وإذا كان الأمر كذلك، وكان وضع الطعام سببا في جلب كلاب تؤذي الجيران، وتثير رعبهم؛ فإن حق الجيران أولى بالمراعاة من إطعام هذه القطط. فإن كان تركها لذلك سيكون سببا لرحيل الكلاب، فلتفعل ذلك؛ كفا للأذى عن نفسها وعن جيرانها.
وأما بخصوص قتل الكلاب، ففيها تفصيل، وخلاف بين أهل العلم، فمنهم من لا يجوز إلا قتل الكلب العقور، ومنهم من ذهب إلى جواز قتل جميع الكلاب، إلا ما استثني من كلب الصيد والماشية ونحو ذلك، وراجعي في ذلك الفتويين: 73906، 113386.
ومنهم من اعتبر مجرد توقع الترويع من الكلب، ونص على استحباب قتل الكلب الذي يخيف الناس أو يروعهم، وإن كان غير مؤذٍ، قال القرطبي في (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم): قتل الكلاب غير المستثنيات مأمور به إذا أضرت بالمسلمين، فإن كثر ضررها وغلب، كان الأمر على الوجوب، وإن قل وندر، فأي كلب أضر وجب قتله، وما عداه جائز قتله؛ لأنه سبع لا منفعة فيه، وأقل درجاته توقع الترويع، وأنه ينقص من أجر مقتنيه كل يوم قيراطين. فأما المروع منهن غير المؤذي: فقتله مندوب إليه. وأما الكلب الأسود ذو النقطتين، فلا بد من قتله للحديث المتقدم. اهـ.
والله أعلم.