الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحسن عزاءك في أبيك، وأن يغفر له ويرحمه ويرفع درجاته في عليين.
والخمر أم الخبائث وأصل لكثير من الشرور، ومن يشربها لا يتوقع منه أن يكون أقل حالا من المجانين، ولذلك قال الله تعالى عنها: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {المائدة:91}.
ومهما أساء الوالد لا يجوز لولده أن يسيء إليه، ولا إشكال في أن تكرهي ما فعل أبوك من منكر، وأما عصبيتك عنده، وسبك إياه، وإهمالك له فمنكر، وعقوق, وقد أحسنت بندمك على ما فعلت، والواجب عليك أن تتوبي إلى الله عز وجل توبة نصوحا بشروطها والتي ضمناها الفتوى: 29785. ومنها تعلمين أن من تمام التوبة التحلل من حق المخلوق، وهو هنا حق أبيك، ولا سبيل لك لطلب المسامحة منه لكونه قد مات، ولكن أمِّلي في ربك خيرا، وأحسني الظن به، واحرصي على البر بأبيك بالدعاء له بالرحمة والمغفرة والتصدق عنه، ونحو ذلك من أعمال البر، عسى الله عز وجل أن يرضى عنه، وأن يرضى عنك، ويرضيه، فتبرأ ذمتك من حقه، ولمعرفة ما يكون به بر الوالد بعد موته انظري الفتوى 10602.
والله أعلم.