الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحقّ الأمّ على ولدها عظيم، وبرها، والإحسان إليها من أفضل القربات إلى الله تعالى.
فإذا كان زوجك حريصًا على برّ أمّه، وطاعتها في المعروف، فهذا من محاسنه، وأبشري ببركة برّه بأمّه؛ فإنّه ممّا يعود عليكم بالخير في الدنيا والآخرة.
لكن إذا كان البيت موحشًا، تتضررين من البقاء فيه وحدك وقتًا طويلًا، فلا يجوز لزوجك تركك وحدك، إلا أن يأتي لك بامرأة تؤنسك حتى يرجع، جاء في الدر المختار وحاشية ابن عابدين -رحمه الله-: فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِفْتَاءَ بِلُزُومِ الْمُؤْنِسَةِ وَعَدَمِهِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْمَسَاكِنِ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْجِيرَانِ. انتهى. وقال البهوتي -رحمه الله-: ويلزمه لزوجته مؤنسة لحاجة، كخوف مكانها، وعدو تخاف على نفسها منه؛ لأنه ليس من المعاشرة بالمعروف إقامتها بمكان لا تأمن فيه على نفسها. انتهى.
وعمومًا فإنّ من المعاشرة بالمعروف ألا يترك الزوج زوجته وحدها دون عذر، وأن يحرص على الرجوع إلى بيته بعد قضاء مهمته؛ ليحصل الأنس، والسكن المقصود بالزوجية.
فإن كان خروج زوجك مع أمّه ليس متعينًا عليه، فينبغي أن يتناوب مع إخوته في الخروج معها.
وعليه؛ أن يجمع بين برّ أمّه وبين إحسان عشرة زوجته، كما بينا ذلك في الفتوى: 66448.
والله أعلم.