الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت وضعت أموالك عند أمك أمانة فقط، وليست تمليكًا منك لها، فمطالبتك إياها باسترجاع أموالك، ورفع هذا الأمر إلى القضاء بعد امتناعها من أدائه؛ ليس من العقوق المحرم، وليس مانعاً من قبول صلاتك وسائر أعمالك الصالحة.
قال الصنعاني –رحمه الله- في سبل السلام : ... وكذلك لو كان مثلاً على أبوين دين للولد، أو حق شرعي، فرافعه إلى الحاكم، فلا يكون ذلك عقوقاً. انتهى.
لكن عليك برها ومصاحبتها بالمعروف، مهما كان من شأنها، فحقّ الأمّ على ولدها عظيم، وقد أمر الله بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين اللذين يأمران ولدهما بالشرك.
ولا يجوز لك الدعاء عليها وإن كانت ظالمة، قال الشيخ ابن باز –رحمه الله- حين سئل عن الدعاء على الأب الظالم: لا يجوز لك الدعاء عليه، ولكن تقولين: اللهم اهده، اللهم اكفنا شره...انتهى. وانظري الفتوى: 59562.
وإذا قمت بما عليك نحو أمّك، ثم دعت عليك بغير حقّ، فلا يستجاب دعاؤها عليك، قال المظهري -رحمه الله- في المفاتيح في شرح المصابيح: وإنما يكون قبول هذا الدعاء إذا صدر عن الولد عقوقٌ؛ أي: مخالفة أمر الوالد فيما يجب على الولد طاعته، فإذا خالفه الولد، يكون الوالدُ مظلومًا، فيستجابُ دعاؤه.
وقال المناوي -رحمه الله- في شرح الجامع الصغير: وما ذكر في الوالد محله في والد ساخط على ولده لنحو عقوق. انتهى.
ومهما كان الظلم الواقع عليك، أو الشدة التي تلاقيها في حياتك، فكل هذا لا يسوّغ لك التهاون في الصلاة، فالصلاة أعظم أمور الدين بعد الإيمان بالله، ولا حظ في الإسلام لمن تركها، والمحافظة عليها والاعتناء بها مفتاح كل خير، وهي من أفضل العون على الشدائد والمصائب، قال تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ. {البقرة: 45} قال السعدي –رحمه الله-: فبالصبر، وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه، معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. انتهى.
والله أعلم.