الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تبادل الرجل والمرأة النظرات المريبة، مما نهى عنه الشرع، وحذر منه، وهو أقصر طريق إلى ما هو أشنع من الفاحشة، فأين أنتما من قول الله تعالى: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ {النور:30-31}؟
وأين أنتما من قول النبي صلى الله عليه وسلم: كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ نَصِيبُهُ مِنَ الزِّنَى، مُدْرِكٌ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ، فَالْعَيْنَانِ زِنَاهُمَا النَّظَرُ، وَالْأُذُنَانِ زِنَاهُمَا الِاسْتِمَاعُ، وَاللِّسَانُ زِنَاهُ الْكَلَامُ، وَالْيَدُ زِنَاهَا الْبَطْشُ، وَالرِّجْلُ زِنَاهَا الْخُطَا، وَالْقَلْبُ يَهْوَى وَيَتَمَنَّى، وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ الْفَرْجُ وَيُكَذِّبُهُ. أخرجه مسلم؟
وصدق من قال: نظرة فابتسامة فسلام فكلام فموعد فلقاء
واعلم أن كل نظرة محرمة، ينكت بها في قلبك نكتة سوداء، وقد تجتمع النكت، وتكثر؛ حتى تعلو القلب، وذلك الران الذي قال الله فيه: كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [المطففين:14]، فاقطع كل صلة بينك وبين هذا الطالبة، واحذر فتنة النظر.
واعلم أن الله يراك، ويحصي عليك أعمالك، مهما أخفيت ذلك عن الناس: يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].
فالواجب غض البصر، والحذر من إطلاقه، كما تجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح مما حصل خلال سنة كاملة، من تبادلك النظرات مع تلك الفتاة، حتى فتنت بها -كما صرحت بذلك في سؤالك-.
ومن الحلول لمشكلتك: الانتقال إلى مدرسة أخرى، إن أمكنك ذلك؛ لتبتعد عن تلك الفتاة، وتنساها.
وإن لم تتمكن من الانتقال إلى مدرسة أخرى، فتجنب هذه الفتاة، ولا تبادلها النظرات.
واشغل نفسك بمرافقة الصالحين، وحضور مجالس العلم، والذكر، والإكثار من تلاوة القرآن، وإعمار وقتك بما يعود عليك بالنفع.
نسأل الله لك التوفيق، ولمزيد من الفائدة حول مفاسد ومضار إطلاق النظر، يرجى مراجعة الفتويين التاليتين: 55044، 197463.
والله أعلم.