الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج على أبيك إن منح أحد إخوتك مالًا ليستثمر فيه بنسبة من الربح، دون أن يمنح الآخرين مثله؛ فإن هذا ليس داخلًا في التفضيل، كما هو الحال في العطية، والتي هي تبرع محض، بخلاف غيرها من أمور البيع، والشركات، سئل الشيخ صالح الفوزان عن رجل باع مزارع لأحد أولاده دون الآخر، فأجاب بقوله:
إذا كان والدك قد باع هذه المزارع على إخوتك بيعًا صحيحًا، ليس فيه احتيال، ولا تلجئة، وإنما باعها عليهم، كما يبيعها على غيرهم بثمن كامل، ولم يترك لهم شيئًا منه، بل استوفاه، فلا حرج عليه في ذلك، وليس لك حق الاعتراض؛ لأن هذا ليس فيه محاباة، وليس فيه تخصيص لهم بشيء من المال دونك، أما إذا كان خلاف ذلك، بأن كان بيع حيلة، قد تسامح معهم فيه، وحاباهم به، فهذا لا يجوز؛ لأنه جور؛ لأنه يجب على الوالد أن يسوي بين أولاده بالهبة، والعطية... اهـ.
ولا شك في أنه إن أمكن الأب أن يعطي الآخرين كما أعطاه، فذلك أفضل؛ لأن هذا مما قد يعين على البر، ويحول دون العقوق، إلا أن هذا قد لا يتيسر دائمًا؛ لقلة المال مثلًا، أو لكون بعض الأولاد عنده من الحرص، والاجتهاد، والإتقان ما ليس عند الآخرين، أو لغير ذلك من الأسباب.
ولا بأس أن تعرض على أبيك أن يعطيك مالًا؛ لاستثماره شراكة معه، إن كنت تحسن ذلك.
ولا ريب أن هذا الأمر يمكن أن يحمل بعض الأولاد على العقوق، ولكن إن حدث هذا، فعلى الولد أن يعلم أنه يجب عليه أن يحرص على البر بأبيه على كل حال، وأنه يحرم عليه عقوقه، ولو كان قد ظلمه، فضلًا عما إن كان لم يحدث منه ذلك، وانظر الفتوى: 370030.
والله أعلم.