الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا تعارض بين الحديثين، فإن هذا العامل فيما يبدو للناس بعمل أهل الجنة، ليس ممن يحبهم الله، ويأمر بوضع القبول له في الأرض؛ لما في قلبه من دخائل السوء، قال ابن القيم -رحمه الله-: وأما كون الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب. فإن هذا عمل أهل الجنة فيما يظهر للناس، ولو كان عملًا صالحًا مقبولًا للجنة، قد أحبه الله ورضيه، لم يبطله عليه. وقوله: لم يبق بينه وبينها إلا ذراع، يشكل على هذا التأويل، فيقال: لما كان العمل بآخره وخاتمته، لم يصبر هذا العامل على عمله حتى يتم له، بل كان فيه آفة كامنة، ونكتة، خذل بها في آخر عمره، فخانته تلك الآفة والداهية والباطنة في وقت الحاجة، فرجع إلى موجبها، وعملت عملها، ولو لم يكن هناك غش وآفة، لم يقلب الله إيمانه كفرًا وردة، مع صدقه فيه، وإخلاصه بغير سبب منه يقتضي إفساده عليه، والله يعلم من سائر العباد ما لا يعلمه بعضهم من بعض. انتهى.
وتراجع الفتوى: 314311.
والله أعلم.