الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نص بعض الفقهاء على أن من دفع حقا واجبا على غيره ونوى الرجوع عليه بما دفع كان له مطالبته به.
قال ابن مفلح الحنبلي في الفروع: والصحيح من المذهب أن من أدى حقا واجبا عن غيره ناويا للرجوع، كان له الرجوع، سواء أذن له المدفوع عنه أم لا ؟ وعليه أكثر الأصحاب، ونص عليه وقدمه المصنف. انتهى
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: مذهب مالك، وأحمد بن حنبل المشهور عنه، وغيرهما أن: كل من أدى عن غيره واجبًا، فله أن يرجع به عليه إذا لم يكن متبرعًا بذلك، وإن أداه بغير إذنه، مثل من قضى دين غيره بغير إذنه، سواء كان قد ضمنه بغير إذنه، وأداه بغير إذنه، أو أداه عنه بلا ضمان. انتهى.
وعلى هذا القول ينظر هنا فيما دفعه الرجل هل هو أصلاً حق ثابت عليكم أداه عنكم ناويًا الرجوع، فيكون له مطالبتكم به، أم أن ما دفعه غير لازم لكم وفعله لمصلحة نفسه، وحينئذ لا يكون له الحق في الرجوع عليكم به، لأن ذلك لا يلزمكم دفعه ابتداءً ولم تأذنوا له في دفعه عنكم .
لكن مسائل المنازعات تنبغي مشافهة أهل العلم بها ليسمعوا حجة كل من الخصمين، ويستفصلوا عما ينبغي الاستفصال عنه.
والله أعلم.