الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في الأصل عدم جواز طلب المرأة من زوجها الطلاق إلا أن يدعوها لذلك مسوغ شرعي، وسبق أن ضمنا الفتوى 37112، بعض مسوغات طلب الطلاق، ومن هذه المسوغات تضرر المرأة من زوجها تضررًا بينًا، فإن بلغ الأمر بك إلى هذا الحد من الضرر جاز لك طلب الطلاق، ولكن -كما ذكرت- أن الطلاق ليس حلاً دائمًا، وربما تلجأ إليه المرة وتندم على ما فعلت، وتتمنى لو أنها صبرت، وربما بحثت عن سبيل للرجوع لزوجها، ولا يتيسر لها ذلك، هذا بالإضافة إلى ما في فراق الأبوين من الأثر السيء على الأولاد، ونشأتهم غير السوية، وفي ذلك من الضرر ما فيه.
ولذلك ينبغي التريث، والإكثار من الدعاء أن يصلح الله الحال، فالله عز وجل على كل شيء قدير، وهو سبحانه يحب أن يدعى وحري أن يستجيب، قال سبحانه: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}، وراجعي الفتوى 119608. وهي عن آداب الدعاء. وابذلي النصح لزوجك، أو سلطي عليه ببعض الفضلاء ممن يثق بهم، ليبينوا له أن الغيرة إنما تحمد إذا كانت في حد الاعتدال، وأما إذا تجاوزت ذلك كانت أشبه بالمرض الذي يؤذي به المرء نفسه ويؤذي أهله، وهو ما عليه حاله بإساءة الظن بأهله، ومحاولته التجسس عليهم، والعمل على التضييق عليهم، فلعله يستجيب للنصح وينصلح الحال. فإن لم يحصل المبتغى، فلا تعجلي إلى طلب الطلاق حتى تستشيري الثقات الناصحين، فإن ترجحت مصلحته فذاك وإلا فاصبري، فعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا، ويكون فرجًا ومخرجًا.
والله أعلم.