الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحسن أن يحب المسلم الله ورسوله والوالدين، ولكن من أعظم ثمرات حب الله ورسوله امتثال ما جاء في الكتاب والسنة من الأوامر، واجتناب ما جاء فيهما من النواهي. ومن ذلك ما جاء من النهي عن المخادنة وهي اتخاذ الخليلات، وهي عادة سيئة كان عليها أهل الجاهلية فأبطلها الإسلام، قال تعالى: مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ {المائدة:5}.
هذا بالإضافة إلى ما في فعلكما هذا من الخلوة المحرمة، بل والنوم على نفس الفراش. روى أحمد في المسند عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ولا يخلونّ رجل بامرأة؛ فإن ثالثهما الشيطانُ.
وليست العبرة في عدم التفكير في الفاحشة، وإنما العبرة بسوء العمل، فإنه لا تحسنه النية الحسنة. هذا بالإضافة إلى أنه ربما قاد الشيطان بسببه إلى الفاحشة فإنه طريق إليها، ولذلك قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}.
فاحمد ربك على أنه أنجاك من شره من هذه الجهة، وتب إلى ربك عز وجل توبة نصوحا، وراجع شروط التوبة في الفتوى: 5450.
وهذه التوبة إن صدقت فيها قد يجعلها الله لك سببا في نسيانها، وراحة النفس من هذا العذاب، ونار العشق التي في قلبك.
هذا بالإضافة إلى أن كونها قد خطبت، ينبغي أن يعينك على نسيانها، ففوض أمرك إلى الله سبحانه وتعالى، وسله أن يرزقك زوجة صالحة خيرا منها، فهو القائل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وراجع الفتوى: 9360، ففيها مزيد بيان عن سبل علاج العشق، فاستعن بها لتسلك سبيل النجاة، فلا تهلك نفسك ولا تضيع مستقبلك بأوهام الحب.
والله أعلم.