الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن رحمة الله ومغفرته لا يعظم معها ذنب، فمهما أسرف الإنسان على نفسه بكثرة الذنوب، وتاب إلى الله عز وجل صادقا في توبته، فإنه سبحانه يقبل توبته منة وفضلا، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ {الشورى:25}.
وروى الترمذي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: يا ابن آدم: إنك ما دعوتني ورجوتني؛ غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي. يا ابن آدم: لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني؛ غفرت لك ولا أبالي. يا ابن آدم: إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا؛ لأتيتك بقرابها مغفرة.
فهذه المعصية التي لم تصل لحد الزنا، ليس لها عقوبة محددة شرعا دنيوية أو أخروية.
وما كان من الشاب من ابتزاز للفتاة، وأخذ مالها بغير وجه حق، يعتبر ظلما واعتداء، فإن تاب إلى الله عز وجل، قبلت توبته فيما يتعلق بحقه سبحانه.
وأما حق المخلوق فلا بد فيه من مسامحة صاحب الحق، أو رده إليه، فلو جاء يوم القيامة ظالما فإن القصاص بالحسنات والسيئات، كما في الحديث الذي رواه البخاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم. من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه.
وأما السبيل لاتقاء أذاه: فبالالتجاء إلى الله عز وجل بالدعاء، ففي سنن أبي داود عن عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خاف قوما قال: اللهم إنا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
وعلى هذه الفتاة أن تتقي الله في نفسها، وأن تسلك سبيل الاستقامة، وتجتنب سبيل الضلال والغواية حتى لا تكون فريسة لشياطين الجن والإنس.
ونرجو مطالعة الفتاوى: 12928، 10800، 1208، فإنها متضمنة لبعض التوجيهات النافعة.
والله أعلم.