الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلعل كثرة سماعك الأغاني والمعازف وآلات اللهو، شكلت سدا بينك وبين الالتذاذ بسماع القرآن، فإنه كما قيل:
حب الكتاب وحب ألحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعانِ
فعليك أن تتوبي إلى الله تعالى من سماع المعازف وآلات اللهو، وأن توطني نفسك على سماع ما يرضي الله تعالى ويقرب إليه، وأن تجاهدي نفسك لحب ما يحبه الله تعالى.
ولو أنك صدقت مع الله تعالى، لبدلك بحب المعازف حب سماع كتابه، وأذاقك لذة مناجاته، والأنس بترديد كلامه وسماعه.
والبكاء عند تلاوة القرآن مشروع، محمود فاعله إن لم يكن رياء؛ قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا *وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا {الإسراء: 107-109}.
والنصوص في هذا المعنى كثيرة، فلا ينبغي لك أن تتضجري إذا بكى قارئ القرآن، بل ينبغي أن يكون ذلك سبيلا للتدبر والتذكر، والله سبحانه وتعالى يقول: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ {ص:29}.
والله أعلم.