الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت لنا عدة فتاوى في حكم عقد النكاح عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وضمناها قرار مجمع الفقه الإسلامي بالمنع من ذلك احتياطا للفروج؛ فالأصل فيها التحريم. فانظر الفتوى: 96558.
وهنالك إشكال آخر في الطريقة التي أجريت بها عقد نكاحك وهو كونه عن طريق الكتابة لا اللفظ، ومثل هذا العقد باطل عند جمهور الفقهاء؛ كما بيناه في الفتوى: 291841. فالواجب تجديد العقد. وإن وجد من النكاح السابق شيء من الولد، فينسب إليك إن كنت تعتقد صحة نكاحك، وراجع الفتوى: 50680.
والأمر غير واضح في قول الولي: ( زوجتك إياها على مهر حفظ ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم ) فإن كان المقصود أن تحفظ زوجتك هذه الأجزاء، فهنالك خلاف بين الفقهاء في حكم جعل تحفيظ القرآن الكريم صداقاً للمرأة، وقد سبق بيانه في الفتوى: 73027.
وعلى القول بالجواز فيشترط تعيين هذه الأجزاء، فإن لم تعين، كانت هنالك جهالة؛ فتستحق المرأة مهر المثل.
قال ابن قدامة في المغني: فأما على الأخرى فلا بد من تعيين ما يعلمها، إياه إما سورة معينة، أو سورا، أو آيات بعينها؛ لأن السور تختلف. اهـ.
وإن كان المقصود أن تحفظ أنت ثلاثة أجزاء من القرآن، فلا يصلح هذا مهرا؛ لأنه لا منفعة فيه للزوجة.
وننبه إلى أن من يجهل الحكم الشرعي فيما يريد أن يقدم عليه من قول أو فعل، فعليه أولا سؤال أهل العلم، والعمل بمقتضى قولهم.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
والله أعلم.