الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان تعامل زوجك معك على الحال الذي ذكرت؛ فهذا نوع من سوء العشرة، وهو مأمور شرعا بأن يحسن عشرتك، قال الله تعالى في محكم كتابه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء:19}.
ولمعرفة المعاني الجميلة التي تدخل تحت مسمى العشرة الحسنة، يمكن مطالعة الفتوى: 134877.
وهجر الزوجة له ضوابطه الشرعية التي تجب مراعاتها، وقد أوضحناها في الفتوى: 71459.
والوطء من حقوق الزوجة على زوجها حسب رغبتها وقدرته، ولا يجوز للزوج أن يترك وطء زوجته مدة تتضرر بها؛ كما ذكر العلماء، ويمكن مطالعة كلامهم في الفتوى: 29158.
وقبيح من الرجل أن يقضي أغلب وقته في المقاهي، غير مستشعر بنعمة الفراغ، وغير مراع لحق أهله وولده في قضاء بعض الوقت معهم بالمؤانسة والملاطفة.
ففي صحيح البخاري: قال سلمان الفارسي لأبي الدرداء: إن لنفسك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، وإن لأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه. فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك فقال له: صدق سلمان.
وقول زوجك: "أنتن النساء تربطن السعادة الزوجية بالفراش"، قول مخالف للشرع والفطرة، ودال على نوع من جفاء الطبع.
وكل هذا يهون في مقابل ما ذكرت من انقطاعه عن الصلاة، فهو أمر خطير وذنب عظيم، بل ذهب بعض أهل العلم إلى كفر تارك الصلاة، وخروجه عن ملة الإسلام، والجمهور على خلاف ذلك، كما أوضحناه في الفتوى: 1145.
ومن ضيع الصلاة، قد يسهل عليه أن يضيع حقوق خلقه، فلا يستغرب منه ذلك.
وعلى كل حال، ينبغي بذل النصح لزوجك بالرفق والحسنى، والأولى أن يكون الناصح ممن لهم وجاهة عنده، فهو أرجى لأن يقبل نصحه، فيذكر بالله ويخوف من أليم عقابه إن مات على هذه الحال، فلعله ينتفع بالنصح ويرجع إلى ربه ويتوب.
فإن تم ذلك، فالحمد لله، وإلا فالأفضل لك فراقه بالطلاق أو الخلع.
قال البهوتي -الحنبلي- في كشاف القناع: وإذا ترك الزوج حقًّا لله تعالى، فالمرأة في ذلك مثله، فيستحب لها أن تختلع منه؛ لتركه حقوق الله تعالى. اهـ.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: أنه لا يجوز اتهام أم الزوج بعمل السحر، إلا أن تكون هنالك بينة دالة على ذلك، وإلا فالأصل في المسلم السلامة حتى يثبت خلافها، قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ.... {الحجرات:12}.
الأمر الثاني: إن ثبت ذلك عنها، فالواجب نصحها، وينبغي أن يكون النصح بلطف وموعظة حسنة حتى يؤتي ثماره.
فإن تابت، فالحمد لله، وإن استمرت على حالها، فإساءتها لا تسقط عن ولدها برها، وانظري الفتوى: 299887.
الأمر الثالث: الزوجة لا يجب عليها تجاه أهل زوجها إلا ما يجب للمسلم تجاه أخيه المسلم، فلا يجب عليها صلتهم، ولا أن يكون بينها وبينهم علاقة، كما لا تجب عليها طاعة زوجها إذا أمرها بذلك، وتراجع الفتوى: 112495، والفتوى: 108945.
ومهما أمكن الزوجة أن تحقق لزوجها رغبته في هذا الجانب؛ فلتفعل.
الأمر الرابع: من حق الزوجة على زوجها أن تكون في مسكن مستقل لائق بها، ولكن لا يتعين أن يكون بعيدا عن أهل الزوج. وتراجع الفتوى: 66191.
والله أعلم.