الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالتسمية على الذبيحة واجبة، لا تحل بدونها، في قول جمهور الفقهاء، سواء كان الذابح مسلما أو كتابيا، ويرى بعض الفقهاء أنها مستحبة، وقال آخرون باشتراط التسمية في ذبيحة المسلم دون الكتابي، بشرط أن لا يُهِلَّ بها الكتابي لغير الله كالمسيح، وقد بينا هذا في الفتوى: 227101.
والصيغة المذكورة في السؤال ليست تسمية، والتسمية أن يقول "بسم الله"
جاء في الموسوعة الفقهية: التَّسْمِيَةُ: وَهِيَ قَوْل (بِسْمِ اللَّهِ) أَوْ (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)، يُقَال: سَمَّيْتُ اللَّهَ تَعَالَى، أَيْ قُلْتَ: بِسْمِ اللَّهِ. اهــ.
ولا يقوم اللفظ المذكور في السؤال مقام التسمية.
قال في كشاف القناع: الشَّرْطُ (الرَّابِعُ قَوْلُ: بِسْمِ اللَّهِ، عِنْد حَرَكَةِ يَدِهِ) بِالذَّبْحِ أَوْ النَّحْرِ أَوْ الْعَقْرِ (لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مَقَامَهَا) كَالتَّسْبِيحِ وَنَحْوِهِ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ التَّسْمِيَةِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَيْهَا. اهــ.
على هذا؛ فإن تلك الذبيحة مما تُرِكَتِ التسميةُ عليه، والأكل منها مُخْتَلفٌ في جوازه: فمن يرى أنها شرطٌ، لم يجز على قولهم الأكل منها، ومن يرى أنها مستحبة مطلقا، أو ليست بشرط في ذبيحة النصراني، جاز على قوله الأكل منها.
ولا شك أن الأحوط والأسلم ترك الأكل منها، ما دمتم تجدون ذبيحة مباحة تغني عنها، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ, وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ, وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ, لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ, فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ, فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ. وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ, كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى, يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ, أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى, أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ... الحديث متفق عليه. وفي لفظ للبخاري: الحَلاَلُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُشْتَبِهَةٌ، فَمَنْ تَرَكَ مَا شُبِّهَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ، كَانَ لِمَا اسْتَبَانَ أَتْرَكَ، وَمَنِ اجْتَرَأَ عَلَى مَا يَشُكُّ فِيهِ مِنَ الإِثْمِ، أَوْشَكَ أَنْ يُوَاقِعَ مَا اسْتَبَانَ، وَالمَعَاصِي حِمَى اللَّهِ، مَنْ يَرْتَعْ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ. اهـ.
والله أعلم.