الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمخلوقات الأخرى غير الإنسان -من الجمادات، والحيوانات- تسبح الله تعالى، وتذعن له، وفيها من الإدراك ما لا نعقله نحن البشر الذين نزعم أننا أذكى خلق الله، وقد قال الله عز وجل: تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْض وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا {الإسراء:44}.
وأخبرنا الله تعالى عن كلام السماوات والأرض حين خلقهما، وقال لهما: ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ {سورة فصلت:11}.
وأخبرنا عن تأثر تلك الجمادات بما يقوله ويفعله الإنسان من الكفر بالله، ففي سورة مريم: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا {مريم:90ـ91}.
فهذه الجمادات التي تزعم -أيها السائل- أن الإنسان أعقل منها، أو أذكى، تتأثر بالكفر الذي قاله هذا الإنسان، وتنكره.
وفي السنة أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن النمل أنها أمة من الأمم المسبحة.
وأن الشجر والحجر يفرح بموت الفاجر.
وأنها تستغفر لمعلّم الناس الخير.
واشتكى جملٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن صاحبه يدئبه.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الحجر والشجر سيكونان عونًا للمسلمين في الجهاد في آخر الزمان حين يقتل المسلمون اليهود، فيختبئ اليهودي خلف الشجر والحجر، فيقولان: يا عبد الله، هذا يهودي ورائي، تعال فاقتله.
وحين كَذَّبَ الناسُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في مكة، وكفروا به، كان حَجَرٌ يسلم عليه، ويقول: السلام عليك يا رسول الله. وغير ذلك كثير مما ورد في السنة، ويدل دلالة واضحة لا شك فيها أن تلك المخلوقات فيها من الإدراك ما لا نعلمه، وما لا ندركه نحن البشر بعقولنا.
فلا داعي -أيها الإنسان- أن تدعي أنك أعقل، وأفهم، وأدرك للغيب من بقية المخلوقات.
والله أعلم.