الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمحل الاستخارة قبل التعاقد مع العاملة، وأما بعد التعاقد معها على العمل، فيكون عقد الإجارة لازما، ولا يمكن فسخه إلا لمسوغ معتبر شرعا، وعدم التقبل النفسي ليس عذرا يبيح فسخ عقد الإجارة.
وعليه؛ فينظر هنا إن كان العقد بينك وبين المكتب، وتم التراضي بينكما على الفسخ، فلا حرج. ولا ينبغي أن تعذبي نفسك بالتفكير في هذا الأمر، إنما يلوم المرء نفسه إذا ظلم، أو فعل ما لا يجوز.
وكذلك الأمر فيما لو كان العقد بينك وبين الخادمة نفسها، وتم التراضي بينكما على الفسخ، ولو بلا عذر معتبر، وأما لو كان الفسخ منك دون رضاء الطرف الثاني، فهنا يلزمك دفع الأجرة كاملة فيما بقي من مدة العقد؛ إذ لا مسوغ للفسخ.
قال ابن قدامة في المغني: والإجارة عقد لازم من الطرفين، ليس لواحد منهم فسخها، وبهذا قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي. اهـ
وجاء في "الروض المربع": وإن بدأ الآخر أي المستأجر فتحول قبل انقضائها، أي انقضاء مدة الإجارة، فعليه جميع الأجرة، لأنها عقد لازم فترتب مقتضاها وهو ملك المؤجر الأجرة، والمستأجر المنافع. اهـ.
ومجرد الشعور النفسي تجاه هذه العاملة ليس عذرا يبيح لك فسخ العقد دون رضاها. وعليه؛ فإن كان قد بقي لها حق عليك فبادري إلى أدائه إليها إن أمكن معرفة مكانها وإيصاله إليها، أو إلى ورثتها إن ماتت، وإلا فتدفعيه في وجوه الخير بنية التصدق به عنها. وانظري للمزيد الفتوى: 159355.
وننبهك هنا على أمر مهم حول الاستخارة، وهو أن بعض الناس يظن أنه إذا استخار في أمر مباح تشرع الاستخارة فيه سيرى رؤيا أو نحو ذلك، وهذا غير لازم، بل مقتضى الاستخارة هو أن ما سيحصل بعدها من إقدام على الأمر أو إحجام عنه هو ما اختاره الله للمرء، وأما الرؤيا ونحوها فيستأنس بها، ولا يلزم حصولها.
ولمزيد من الفائدة حول ما تشرع فيه الاستخارة انظري الفتويين: 121112/49224.
والله أعلم.