الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك معاشرة زوجتك بالمعروف، ومن حقّها عليك أن توفر لها مسكناً مستقلاً لا يشاركها فيه أحد من أهلك، ولا تتعرض فيه لضرر، ولا يلزمها خدمة أمّك أو غيرها من أهلك، إلا أن تتبرع بذلك بطيب نفس.
ولا طاعة لأمّك في ظلم زوجتك أو إساءة عشرتها؛ فالطاعة إنما تكون في المعروف.
ولا ريب في كون برّ الوالدين من أوجب الواجبات، ومن أفضل القربات، ولا سيما الأمّ، فإنّ حقّها عظيم، لكنّ برّ الوالدين لا يكون بظلم الزوجة، ولا طاعة للوالدين فيما يضر الولد في دينه أو دنياه، فعظم حقّ الوالدين على ولدهما لا يعني أن لهما الحقّ في التسلط على الولد، والتحكم في كل شئونه تعنتاً وإبطالاً لحقّه في الاختيار، وتجاهلاً لكونه رشيداً له شخصيته المستقلة. وراجع حدود طاعة الوالدين في الفتوى: 76303.
فالذي ننصحك به أن تسعى لتوفير مسكن مستقل لزوجتك خارج بيت أهلك، وإذا لم تقدر على ذلك فأسكنها في مسكنك في بيت أهلك، لكن لا تلزمها بالدخول على أمّك وخدمتها، وعاشرها بالمعروف، واحرص على أن تكون مستقلة في مسكنها لا تتعرض لأذى فيه.
ولست بما ذكرت في سؤالك عاقاً لأمّك، لكن عليك برّها وبرّ والدك بالمعروف، ولا يجوز لك قطعهما أو الإساءة إليهما، كما لا يجوز لك طاعتهما في إساءة عشرة زوجتك.
وإذا فعلت ما تقدر عليه من البرّ والإحسان إلى والديك، فلا يضرّك بعد ذلك غضب أمّك أو دعاؤها عليك، ما دام بغير حقّ، قال المظهري -رحمه الله- في المفاتيح في شرح المصابيح: وإنما يكون قبول هذا الدعاء إذا صدر عن الولد عقوقٌ؛ أي: مخالفة أمر الوالد فيما يجب على الولد طاعته، فإذا خالفه الولد، يكون الوالدُ مظلومًا، فيستجابُ دعاؤه. انتهى.
وللفائدة راجع الفتوى: 66448.
والله أعلم.