كيفية التحلل من أصحاب المظالم غير القابلة للرد

26-11-2019 | إسلام ويب

السؤال:
من فضلكم أريد إجابة حول مسألتين:
1- كنت أغتاب الناس كثيرا جدا، والحمد لله عفا الله عني، وبدأت أستحل من بعض من اغتبتهم.
لكن هناك بعض الناس مثلا: أساتذتي، أو شيخي الذي علمني القرآن، أو أقربائي مثل أعمامي وأخوالي .... ممن لا أجرؤ على أن أخبرهم أنني اغتبتهم، لكي أستحل منهم. وأظن أن المشكلة ستتفاقم أكثر إن فعلت.
فهل يجزئ عني مثلا أن أهديهم هدية بنية أن أستحل منهم، أو أتصدق بقدر من المال عنهم بنية الاستحلال؟
وإن لم يكن ذلك ممكنا، فأرجو أن ترشدوني لطريقة الاستحلال دون أن أخبرهم بذلك، وأرجو أن تتفهموا عدم قدرتي على إخبارهم؟
2- ماذا تقولون في فتاة أمها تتعرض للظلم والمكائد من طرف عائلة زوجها، وعندما تعود إلى بيتها تشكو ما حصل معها لبنتها، وقد تسبهم وتشتمهم. فهل يعتبر ذلك من الغيبة؟
وإن كانت غيبة ماذا يجب على البنت أن تفعل، علما أنها تقريبا الوحيدة في البيت التي تستطيع أمها أن تتكلم لها عما يحصل معها؛ لأنها لا تستطيع أن تكبت وتكتم ما حصل لها؛ فإن ذلك يقهرها؟
وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فالحمد لله الذي هداك للتوبة من هذا الذنب العظيم، ونسأله سبحانه أن يثبتنا وإياك على الصراط المستقيم، ويعيننا وإياك على طاعته بامتثال أوامره واجتناب نواهيه.

وبخصوص المسألة الأولى: فإن للتوبة شروطا يلزم تحقيقها: أولها: الإقلاع عن الذنب، وثانيها: الندم على ما فات من فعله للذنب، وثالثها: العزم أن لا يعود إليه فيما بقي من حياته، ويزاد شرط رابع وهو رد المظالم إلى أصحابها، أو استحلالهم منها وطلب المسامحة منهم، إذا كان الذنب فيه حقوق للآدميين، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه، أو شيء؛ فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه. أخرجه البخاري

وتحقيق هذا الشرط هو محل سؤالك، فإن رد المظالم القابلة للرد وهي المظالم المالية أمر واجب إن لم يعف أصحابها أو ورثتهم، وكذالك يجب التحلل من أصحاب المظالم غير القابلة للرد ومنها الغيبة، ولكن إن كان المظلوم لا يمكن الاستحلال منه بسبب وفاته، أو بسبب كون ذكر الأمر يثير مشاكل، فالأولى ستر الموضوع والتوبة، والإكثار من الاستغفار للمظلوم، والدعاء له، والثناء عليه بالخير أمام الناس، مع إكثار التائب من العمل الصالح.

وراجع الفتاوى التالية أرقامها؛ للاطلاع على كلام أهل العلم المفصل في هذا الموضوع: 18180، 4603، 24940، 120912، 119222، 113925.

أما عن السؤال الثاني وما ذكر فيه هل يعد غيبة، فنقول: نعم، يعد غيبة في الأصل، إذ لا يجوز لهذه الأم الوقيعة في أعراض أقارب زوجها، إلا لمن يستطيع أن ينصفها منهم، أو لمن يستشار في مثل هذه الأمور؛ ليساعد في حل مشاكلها معهم، ويقوم بالإصلاح بينها وبينهم، أو نحو ذلك مما تتحقق به مصلحة ظاهرة. وأما من سوى هذا، فلا يجوز لها. ولمزيد من الفائدة، يمكن الاطلاع على الفتويين التاليتين: 29510، 28705.

وعلى هذه الفتاة أن لا تكون عونا لأمها على الغيبة والوقيعة في أعراض المسلمين بغير حق، بل ينبغي لها أن تحاول الإصلاح بين أمها وبين عائلة زوجها، ويجوز في مثل هذه الحالة أن تنقل إلى كل طرف عن الآخر كلاما يجلب المودة ويذهب الشحناء -وإن لم يكن واقعا- وليس ذلك من الكذب المذموم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِى يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَقُولُ خَيْرًا، وَيَنْمِي خَيْرًا. رواه مسلم.

كما ينبغي لها تذكير أمها بأن مقابلة إساءة عائلة زوجها بالإحسان والصلة، هو مظنة رجوعهم إلى الحق، وتغيير أسلوبهم في التعامل معها؛ قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (فصلت: 34). 

والله أعلم.

www.islamweb.net