الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإبليس يوسوس لبني آدم، كما قال تعالى: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ {ص:82}، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
والقرين يوسوس كذلك لابن آدم، كما قال تعالى: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ {فصلت:25}، وروى مسلم في صحيحه من حديث ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ أنه قال: مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينُهُ مِنَ الْجِنِّ. قَالُوا: وَإِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: وَإِيَّايَ، إِلَّا أَنَّ اللهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ.
فإذا علمت هذا؛ فالظاهر أن المسلم حين يتعوذ من الشيطان، فإنه يريد بذلك عموم شياطين الجن الذين يوسوسون لبني آدم، بمن فيهم رئيسهم إبليس، وبمن فيهم القرناء المزينون السوء للناس، قال أبو حيان في البحر في تفسير قوله تعالى: فإذا قرأت القرآن، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. والظاهر أن المراد بالشيطان إبليس وأعوانه، وقيل: هو عام في كل متمرد عات من جن وإنس، كما قال: شياطين الإنس والجن.. انتهى. وقال ابن عادل الحنبلي في تفسيره (اللباب في علوم الكتاب): والمراد بالشيطان في هذه الآية: قيل: إبليس، وقيل: الجنس؛ لأنَّ جميع المردة لهم حظٌّ في الوسوسة. انتهى.
وراجع للفائدة الفتوى: 351841.
والله أعلم.