الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان عملك مع أبيك في المكتبة، لا يضرّك، ولا يضيع عليك شيئًا من مصالح دينك، أو دنياك، فالواجب عليك طاعته في هذا العمل، وليس لك مخالفته؛ لمجرد عدم ارتياحك لهذا العمل.
أمّا إذا كان عليك ضرر في هذا العمل، فلا حرج عليك في تركه، والبحث عن عمل آخر، قال ابن تيمية -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: وَيَلْزَمُ الْإِنْسَانَ طَاعَةُ وَالِدِيهِ فِي غَيْرِ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنْ كَانَا فَاسِقَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ أَحْمَدَ، وَهَذَا فِيمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا وَلَا ضَرَرَ، فَإِنْ شَقَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَضُرَّهُ، وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. انتهى.
وسواء عملت مع أبيك أم تركته وعملت في موضع آخر؛ فإنّ عليك برّ أبيك، والإحسان إليه، ولا يجوز لك أن تقطعه، أو تسيء إليه، أو تقصرّ في رعايته وصلته، فحقّ الوالد عظيم، وبرّه والإحسان إليه من أفضل الأعمال، وأحبها إلى الله، ففي الأدب المفرد للبخاري عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قَالَ: رِضَى الرَّبِّ فِي رِضَى الْوَالِدِ، وَسَخَطُ الربّ في سخط الوالد. وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع هذا الباب، أو احفظه. رواه ابن ماجه، والترمذي.
قال المباركفوري -رحمه الله- في تحفة الأحوذي: قَالَ الْقَاضِي: أَيْ: خَيْرُ الْأَبْوَابِ وَأَعْلَاهَا. وَالْمَعْنَى: أَنَّ أَحْسَنَ مَا يُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ، وَيُتَوَسَّلُ بِهِ إِلَى وُصُولِ دَرَجَتِهَا الْعَالِيَةِ، مُطَاوَعَةُ الْوَالِدِ، وَمُرَاعَاةُ جَانِبِهِ. انتهى.
والله أعلم.