الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحال ما ذكرت عن أبيك، فإنه قد جمع جملة من الشرور والمنكرات، ومن أخطرها وأعظمها: تفريطه في الصلاة، والتي هي أحد أركان الإسلام، بل أفضل الأركان العملية، والصلة بين العبد وربه، وهي التي من حفظها حفظ دينه، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
ولذلك لا يستغرب منه أن يأتي ما هو دونها من المنكرات، أو أن يقصّر في شيء من حقوق الخلق، كالتقصير في نفقة أمّك وأختك، إن كان لا ينفق عليهما بالمعروف، وانظر الفتاوى: 47422، 1195، 113285.
ومشاهدة الأفلام الإباحية محرمة، وهي وسيلة للوقوع في الزنى الذي هو فاحشة وساء سبيلًا، فأمرها خطير، وخطبها جسيم، وسبق أن نبهنا على ذلك في بعض الفتاوى نحيلك منها على الفتوى: 3605، والفتوى: 27224.
ومن الغريب أن تتأتى مشاهدتها من رجل متزوج، يمكنه أن يعفّ نفسه بالحلال، فيستبدل ذلك بالحرام.
ويجب عليكم البر بأبيكم، مهما أساء، فإساءته لا تسقط عنكم برّه، كما بينا في الفتوى: 370030.
ومن أعظم ما تبرونه به السعي في هدايته بالدعاء له، محسنين ظنكم بربكم، وعدم اليأس من هدايته، وتسليط بعض الرفقاء الحلماء الحكماء من أهل العلم والفضل؛ لبذل النصح له، وتذكيره بالله عز وجل، وتخويفه من أليم عقابه، هذا مع التنبه على فضل دعوة الناس للحق، والتسبب في هدايتهم، وراجع النصوص في ذلك في الفتوى: 37677.
وزواجه من امرأة ثانية مباح له، إن كان قادرًا على العدل بين زوجتيه، كما قال تعالى: فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً {النساء:3}، فلا يجوز لكم الاعتراض عليه لغير مسوغ شرعي.
ولا يحق لأمّكم طلب الطلاق لمجرد كونه سيتزوج من امرأة ثانية، ولمعرفة مسوغات طلب الطلاق، انظر الفتوى: 37112.
فالذي ننصحكم به تحرّي الحكمة في التعامل مع والديكم، وعدم المصير إلى أي تصرف يمكن أن يكون سببًا لوقوعكم في العقوق، والذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، روى النسائي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا ينظر الله عز وجل إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه، والمرأة المترجلة، والديوث. وثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه، والمدمن على الخمر، والمنان بما أعطى.
والله أعلم.