الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الدخول في عقد قرض ربوي لا يجوز شرعًا، لو كان المتحمل للفائدة جهة أخرى غير الشخص المنتفع بالقرض؛ لما في ذلك من الإعانة على أكل الربا، ففي صحيح مسلم عن جابر- رضي الله عنه- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء.
وفي الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي: (الكبيرة التاسعة والسبعون، والثمانون، والحادية والثمانون، والثانية، والثالثة، والرابعة والثمانون بعد المائة: أكل الربا وإطعامه وكتابته وشهادته والسعي فيه والإعانة عليه)، ثم ذكر النصوص المحرمة للربا، إلى أن قال: ويستفاد من الأحاديث السابقة أيضًا: أن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده والساعي فيه والمعين عليه كلهم فسقة، وأن كل ماله دخل فيه كبيرة. وقد صرح ببعض ذلك بعض أئمتنا، وهو ظاهر جلي؛ فلذلك عدت تلك كلها كبائر. اهـ. وراجع الفتاوى: 150139، 121323، 77180، 303100.
والجزء المقتطع من راتب الموظف: إن كان التعاقد قد جرى على أن جهة العمل لها الحق في اقتطاع هذا الجزء من الراتب، والتصرف فيه، فهو في الحقيقة ليس من الأجرة أصلًا، ولا يستحقه الموظف.
وأما إن كانت جهة العمل قد تسلطت على أجرة الموظف بعد العقد، واقتطعت منه دون رضى منه، فجهة العمل معتدية، وللموظف الحق في استرجاع ذلك الجزء المقتطع من راتبه، لكن ذلك لا يبيح للموظف الدخول في قرض ربوي من البنك؛ باعتبار أن الفائدة التي ستسددها جهة العمل للبنك هي الجزء الذي اقتطعته من راتبه؛ لأن هذه الصورة لا يخرج الموظف فيها عن كونه معينًا على أكل الربا. وراجع الفائدة الفتوى: 227581.
والله أعلم.