الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيجوز شرعا هجر أهل الفسوق والعصيان، ومن تكون مخالطته جالبة لشيء من الضرر والأذى في الدين أو الدنيا.
قال ابن عبد البر في التمهيد: وأجمع العلماء على أنه لا يجوز للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، إلا أن يكون يخاف من مكالمته وصلته ما يفسد عليه دينه، أو يولد به على نفسه مضرة في دينه أو دنياه. فإن كان ذلك، فقد رخص له في مجانبته وبعده، ورب صرم جميل، خير من مخالطة مؤذية. اهـ. ومنه يتبين لك أن من ذكرت على هذا الحال الموصوف عنهن بالسؤال، فلا حرج عليك في هجرهن، وكلامنا هذا شامل لصديقتك التي تتكلم معك بكلام جارح يسبب لك الأذى النفسي. وإذا كان هذا في هجر المسلم العاصي، فالكافر أولى.
وهجر العصاة تراعى فيه المصلحة، فإن كان الهجر أكثر فائدة، فينبغي المصير إليه.
قال ابن تيمية في مجموع الفتاوى: فإن كانت المصلحة في ذلك أي في هجر العاصي -راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته كان مشروعاً، وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر، والهاجر ضعيف بحيث يكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر.. بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع من الهجر، والهجر لبعض الناس أنفع من التأليف، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف قوماً، ويهجر آخرين. اهـ.
ومن جاءت منهن معتذرة طالبة المسامحة، فالأصل أن العفو أفضل؛ لأنه قد حث عليه الشرع وندب إليه، ولكن قد يكون ترك العفو أفضل في بعض الحالات، كما بينا في الفتوى: 112756.
وبقي أن ننبه إلى أن الأحرى بك أن تحسني اختيار من تصادقين، فاحرصي على الصالحات؛ ليذكرنك إذا نسيت، ويكن عونا لك في الطاعة، ولا نظن أنه من الصعب أن تجديهن.
ومن أفضل السبل لذلك الحرص على حضور مجالس العلم والخير في المراكز والهيئات الإسلامية، فهي من الأماكن التي يمكن أن تتعرفي فيها ببعض النساء الصالحات. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى: 9163، والفتوى: 216487، والفتوى: 10800.
والله أعلم.